.jpg)
كنوز نت - رانية مرجية
عندما يمرض النور
رانية مرجية
يستيقظُ في الصباح،
كمن بُعثَ من ليلٍ لا ينقضي،
يفتحُ عينيهِ...
ولا يرى سوى ضوءٍ غريبٍ،
يمشي على أطرافِ الوجع.
يُحدّق في الفراغ،
كأنّ جدرانَ الغرفةِ صارت مرايا للروح،
تُعيد له ملامحه المطموسة،
بين شهيقٍ ثقيلٍ
وزفيرٍ لا يبلغ السماء.
هل يبكي قدَرَه؟
أم يشكرُ ذاك النَفَس الذي ما زال يزوره؟
هل يلعنُ جسدًا خانه،
أم يغفر له لأنّه أعيته الحروب؟
لا يشتهي شيئًا من الصباح،
ولا ينتظرُ مساءً فيه دفءُ اللقاء،
هو فقط يُراود الليلَ
كي يخطفه سريعًا،
وينام...
ليس راحة، بل غيابًا.
في الليل،
تُزهِرُ في داخله صلواتٌ بلا صوت،
ويُضيء القلبُ
كمسبحةٍ تنفرطُ منها الأسرار.
يحدّث الله كصديقٍ قديم،
كمن ضلّ الطريقَ إليه طويلاً،
ثم عاد...
عائدًا بحفنةِ ألم،
وبقلبٍ صار أكثر حكمةً وحنينًا.
كلّ وجعٍ فيه يهمس:
"أنت لستَ جسدًا...
أنت الروحُ إذا شفّتْ،
صارت مرآةً للنور".
كلُّ ما فيهِ يتهادى
بين صبرِ أيّوب
وتجلياتِ الحلاج،
بين حاجته لدواء،
وظمئه إلى معنى،
لا يُسكّن إلا بالتسليم.
هو الآن
أكثر قربًا من السماء،
يكتبُ رسائله على وسادةٍ بيضاء،
ويضعها تحت رأسه،
علّ ملاكًا يمرُّ ويقرأها...
وفي كلِّ تنهيدة،
يولدُ سؤالٌ صوفي:
"ما معنى الحياة،
إن لم تكن ابتلاءً يُعانقُ فيه القلبُ الله،
ولو من سريرٍ مغمورٍ بالدمع؟"
هو إنسانٌ مريض،
لكنّه، حين أغمض عينيه هذا الصباح،
كان أشدّ حياةً منّا جميعًا،
لأنّه تعلّم
أن المرض ليس موتًا،
بل دعوةٌ
للعبورِ إلى المعنى.
20/07/2025 11:41 am 26