
كنوز نت - بقلم الكاتب: سليم السعدي
شعب غائب عن الوعي
بقلم الكاتب: سليم السعدي
ذاك الشعب المنسي، المجروح، المشرّد من أرضه، المتهم في كل منبر، والمشوّه في كل رواية… هو ذاته الغائب عن وعيه.
للوهلة الأولى، قد تظنّ أنني أبالغ، فتقول:
هل يمكن أن يكون هناك شعبٌ بأكمله غائب عن الوعي؟
هل يُعقل أن تكون هناك أمة، بكل تاريخها وجراحها وصراخها، لا تُدرك ماذا يُحاك ضدها؟
أقول لك: نعم… ليس غيابًا جسديًا ولا عقليًا، بل روحيًا، يشبه السحر.
كأنّ هناك من دسّ في جسده لعنة النسيان،
كأنّ سحرة التاريخ وضعوه في غيبوبة،
فصار يتألم… ولا ينتفض،
ينزف… ولا يصرخ،
يُهان… ويبتسم،
تُغتصب أرضه كل يوم، فيقول: “ما شأني؟”.
شعبٌ تاريخه يُزوّر،
وتراثه يُنهب،
وصورته تُلطّخ،
وقضيته تُباع وتُشترى على موائد المساومات،
وهو لا يزال مشغولًا بخلافات داخلية، ونجاحات وهمية، وانتصارات فارغة على صفحات التواصل.
لقد تم تهجيره من أرضه، ثم من فكره، ثم من ضميره.
حتى بات وجوده في ذاته منفيًا.
صار يسير فوق رماد وطنه،
ولا يشمّ رائحة الحريق.
وما أخطر الغياب عن الوعي…
لأنه ليس موتًا، بل غيابٌ يشبه الحياة،
مجرّد حركة بلا إدراك، ومجرد بقاء بلا كرامة.
لكن...
رغم هذا الركام، تلوح بوادرُ صحوة،
جيلٌ بدأ يطرح الأسئلة، ويكسر القوالب، ويصرخ: "لن ننام بعد الآن."
جيلٌ لم يُجرّب الخوف بعد،
ولا يعرف الخضوع،
ولا تؤرقه كراسي الزعامة،
بل يؤرقه ضياع الوطن.
فليكن هذا المقال…
قرعًا على جدران الغيبوبة،
وصرخة في آذان الغافلين،
علّنا نوقظ من بقي في قلبه رمقُ وعي…
قبل أن يُكتب علينا أن نكون شعبًا غائبًا عن الوعي… إلى الأبد.
10/07/2025 11:13 pm 56