كنوز نت - بقلم الكاتب والفنان : سليم السعدي

العودة إلى الذكر المحفوظ: دعوة لنبذ الظن والفتنة
بقلم الكاتب والفنان : سليم السعدي

قال تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"
في هذه الآية الكريمة، بيانٌ إلهي قاطع بأن هذا الذكر – أي القرآن الكريم – محفوظٌ من كل تحريف وتغيير وعبث، لا يحتاج إلى وصاية بشرية، ولا تأويلات ظنية، ولا مذاهب تضع نفسها حَكمًا على كلام الله.

لقد انتشر في الأمة مصطلح "الأئمة الأربعة"، وأُلصقت بهم صفات القداسة والعصمة، حتى صار يُظن أن ما قالوه هو جزء من الدين نفسه، رغم أنهم جاؤوا بعد النبي بقرون، ولم يُذكروا في كتاب الله، لا تصريحًا ولا تلميحًا.

الحق أن القرآن لم يُنزل ليُفسَّر حسب الظن

قال تعالى: "وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ"
وقال: "إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ"
كيف إذًا نُسلم ديننا لأقوال اجتهادية، فيها ما فيها من الظن والاحتمال؟
وكيف نُشرع للناس من دون الله، والقرآن ذاته يقول:
"أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ"؟

موسى والعبد الصالح: درس في عدم الاستعجال

في قصة موسى مع العبد الصالح (سورة الكهف)، نتعلم أن العقل الإنساني قد يعجز عن فهم حكمة الله، وأن الخوض في التأويل دون علم يقين، قد يؤدي إلى الاعتراض على مشيئة الله دون إدراك.

فإذا كان نبي مثل موسى توقفه حكمة إلهية مخفية عن ظاهر الأمور، فكيف لمن يأتي بعد الوحي والرسالة، ويجتهد فيما لم يُفوضه الله به؟


الفتنة أخطر من القتل

قال الله تعالى: "وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ"
وإن أخطر الفتن هي تلك التي تُلبّس لباس الدين، فيُقاتل المسلم أخاه باسم فقه أو مذهب أو فتوى، أو يُكفَّر الآخر لأنه لم يتبع إمامًا بعينه.

أليس هذا هو جوهر الفتنة التي فرّقت الأمة شيعًا ومذاهب؟
أليس هذا هو الانحراف الصامت عن الوحي الذي أمرنا باتباعه وحده دون وسيط؟

الهدى ليس في المذاهب، بل في كتاب الله

قال تعالى: "إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ"
الهدى بيّن، والحلال والحرام واضحان، والحق ليس بحاجة لتفسير "أربعة"، أو "سبعين"، أو "ألف" إذا كان الله قد أنزله مبينًا.

نعم، للعقل دور في التفكر، ولكن لا يجوز أن يُشرّع في غياب النص، ولا أن يستبدل وحي الله بأقوال الناس.

الخلاصة:

نحن بحاجة لثورة عقلية وقلبيّة، نعود فيها إلى القرآن وحده، مصدرًا للهداية والتشريع، ونتوقف عن اتباع ما لم يأذن به الله، وعن تحويل اجتهادات البشر إلى دين يُفرض على الأمة.

دين الله كامل، محفوظ، واضح، لا يحتاج لتفسير متقلب ولا اجتهادات بشرية تتغير حسب الزمان والمكان.

> "اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ"
(الأعراف: 3)