قانون الغاب في خطاب ترامب: تهديد مباشر لسيادة الدول وللنظام العالمي

كنوز نت - بقلم الكاتب الفنان: سليم السعدي

في تصريح صادم، قال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إن "المرشد الأعلى هدف سهل، لكننا لن نقضي عليه على الأقل في الوقت الحالي". جملة واحدة تختزل منطقًا خطيرًا يحكم السياسات الدولية، وتفضح سقوط القيم والمبادئ أمام منطق القوة العمياء.

هذه الكلمات لا تصدر عن مسؤول هاوٍ، بل عن رئيس سابق لدولة تُروّج لنفسها على أنها حامية الديمقراطية وحقوق الإنسان. لكنها في الواقع، كما يفضح هذا التصريح، لا تختلف في جوهرها عن منطق العصابات: القوة أولًا، والسيادة والدستور والقانون لا وزن لها إذا تعارضت مع المصالح.

تهديد لا لبس فيه

حين تُصرّح دولة عظمى بأن زعيم دولة أخرى "هدف سهل"، فإنها تعلن ضمنيًا امتلاكها حق الحياة والموت على الآخرين. هذا ليس خلافًا سياسيًا ولا حتى تهديدًا عسكريًا تقليديًا، بل هو تحريض علني على الاغتيال، وانتهاك صارخ لكل الأعراف الدولية.

السيادة في مهب الابتزاز

مهما كان الخلاف السياسي أو الأيديولوجي مع النظام الإيراني، فإن المرشد الأعلى يمثل رأس الدولة ومؤسسة سيادية قائمة، والتعامل معه بهذه اللهجة الفوقية يُمثل اعتداءً مباشرًا على سيادة إيران. فهل تُصبح حياة الزعماء والمسؤولين في أي بلد مرهونة برغبات زعيم آخر يرى نفسه فوق القانون؟

ازدواجية المعايير

في الوقت الذي تُدين فيه واشنطن خصومها بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، وتفرض عقوبات على دول بحجة "التهديدات الإرهابية"، تمارس هي ذاتها خطابًا سياسيًا لا يختلف عن تهديدات الجماعات الخارجة عن القانون. كيف يمكن للعالم أن يثق بمن يعتبر القتل خيارًا مشروعًا ومؤجلًا حسب جدول المصالح؟

منطق الغابة

ما عبّر عنه ترامب هو بالضبط قانون الغاب: البقاء للأقوى، والقرار لمن يملك السلاح. وفي هذا المنطق، لا مكان للدبلوماسية، ولا للعدالة، ولا لكرامة الشعوب. وإذا سكت العالم على هذا الانحدار، فإن الغابة ستبتلع الجميع، ولن ينجو أحد، حتى من ظن نفسه في مأمن خلف جيوشه وصواريخه.

الختام

يبدو أن النظام العالمي يعيش مرحلة اختلال خطير، تقوده تصريحات رعناء من زعماء لا يؤمنون بشيء سوى السيطرة. التصدي لهذا الخطاب، وإدانته من كل القوى الحرة، ليس خيارًا أخلاقيًا فقط، بل ضرورة وجودية لحماية البشرية من السقوط في هاوية الفوضى.