كنوز نت - ‏محمد حاتم غنامة

رؤية نتنياهو: بين القوة والفوضى



‏بنيامين نتنياهو يبدو عازمًا على جر العالم إلى حرب عالمية، طموح يضع ⁧‫إسرائيل‬⁩ في صدارة ما يراه صراعًا بين الغرب و"التيارات الاسلامية المتشددة"، أو كما يعبر عنه، "معركة بين الحضارة والفوضى". 

‏في مقابلة مع مجلة "التايم" قبل عام، شبه هجوم 7 اكتوبر 2023 الذي شنته حماس على إسرائيل بهجوم مفاجئ وقع عام 1941 على ميناء أمريكي يُسمى "بيرل هاربر"، أدى إلى دخول أمريكا الحرب العالمية الثانية. وقال إنه يشعر بمسؤولية كبيرة، مثل الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت الذي قاد بلاده في تلك الحرب، ليبدأ مواجهة عالمية تحسم مصير الشعوب.

‏في نظري، ⁧‫نتنياهو‬⁩ لا يكتفي بإدارة أزمة محلية، بل يحلم بعالم يغرق في الاضطراب، وإسرائيل تقف في وسطه كقوة رئيسية، ليست مجرد دولة صغيرة تتعرض للهجوم، بل كلاعب يغير قواعد اللعبة. استمراره في حرب غزة، ليس مجرد ضغط عسكري، بل خطوة متعمدة لتوسيع الصراع، ربما ليشعل حربًا أكبر .. يبدو أنه يرى نفسه زعيمًا تاريخيًا، يترك بصمة عالمية بانتصار "الحضارة" على "الظلام"، كما يصور خصومه، متجاوزًا حدود السياسة التقليدية إلى آفاق أكثر خطورة وطموحًا.

‏شخصية نتنياهو تتجاوز حدود السياسي العادي؛ فهو مزيج من الطموح الجامح والهواجس التي تجعله قنبلة موقوتة على الساحة الدولية. يحلم بأن يكون مهندس عالم جديد، حيث تتربع إسرائيل على عرش القوة، ليس فقط كدولة تحمي نفسها، بل كرمز لانتصار شامل على ما يراه تهديدًا وجوديًا. استمراره في إشعال الحروب لا ينبع فقط من رغبة في الحفاظ على كرسي الحكم في إسرائيل، كما تحب وسائل الإعلام أن تصور الأمر، بل من رؤية متضخمة تتجاوز أي رئيس وزراء سابق في تاريخ إسرائيل. لا يشبه دافيد بن غوريون الذي أسس الدولة، ولا مناحم بيغن الذي وقّع السلام مع مصر؛ نتنياهو يرى نفسه في مرتبة أعلى، زعيمًا يواجه العالم بأسره، مدفوعًا بأوهام عظمة قد تقود المنطقة، وربما العالم، إلى هاوية لا رجعة منها.


‏نتنياهو يقدم نفسه كقائد كبير على الساحة الدولية، مستلهمًا شخصية جورج بوش الذي قاد ⁧‫#أمريكا‬⁩ بعد هجمات 11 سبتمبر 2001. يعتقد أن التاريخ سيذكره بجانب زعماء عظماء مثل ونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا في الحرب العالمية الثانية، كمنقذ للعالم من "التطرف الأعمى". 

‏⁧‫إيران‬⁩ تلعب دورًا محوريًا في هذه الرؤية. نتنياهو يرى فيها العدو الأكبر، ليس فقط تهديدًا لإسرائيل بسبب دعمها لجماعات مثل حزب الله وحماس، بل كجسر لتوسيع الصراع إلى حرب إقليمية أو عالمية. يسعى لدفع الولايات المتحدة إلى مواجهة مباشرة مع طهران، لأن هذا التصعيد قد يمنحه فرصة لتعزيز مكانته كزعيم لا غنى عنه، سواء في عيون الإسرائيليين أو الاتحاد الاوروبي .

‏في هذا السياق، يتمنى نتنياهو أن تفشل مفاوضات إيران والولايات المتحدة المقررة يوم السبت القادم، لأن هذا الفشل قد يمهد الطريق لتحقيق حلمه بإشعال حرب مع إيران. 
‏نجاح هذه المفاوضات قد يعرقل خططه، بينما انهيارها سيمنحه ذريعة للضغط على واشنطن وحلفائها لاتخاذ موقف أكثر عدوانية تجاه طهران. إذا تحقق ذلك، فقد يصبح الشرق الأوسط ساحة لحرب أوسع، تُغذي طموحاته وتُهدد الاستقرار العالمي في الوقت ذاته.

  • ‏محمد حاتم غنامة