كنوز نت -  بقلم  : قرار المسعود

عدوى الديمقراطية في الساحل الإفريقي

            
 مَنْ خطط للربيع العربي لم يدرج أنذاك الساحل أو دول جنوب أفريقيا وآسيا في تلك الفترة. كان البرنامج منكب خصوصا على بعض الشعوب بمقدار وعيهم و تفطنهم و درجة الخلاف مع حكامهم الذين خرجوا على الطاعة و تفقهوا أكثر من اللازم.
             
 فالقذافي رحمه الله خرج على الطاعة و مس الخط الأحمر و بن علي من جهته تفقه و في الجزائر زاد المقدار على مقداره فانقلب من كل هذه الأحداث و خاصة الظلم إذا وصل إلى حده. فهاهو وزير خارجية أميركا السابق هنري ألفريد كيسنجر يحذر مرارا و تكرارا قبل وفاته من صحوة الديمقراطية للشعوب في القرب بين الصين و روسيا. فحب السلطة و نهب الخيرات و القيادة تجعل صاحبها يفقد توازن التفكير مع طول المدة فتوقعه في ما لا يحمد عقباه، و هذا ما حصل للحضارات و أخرها الحضارة الإسلامية حتى عندما خرجت على البرنامج الإلهي المسطر.
             
فما نشاهده من أحداث في الدول الإفريقية و بالساحل بالذات و السينغال مؤخرا هو إمتداد لنهوض المجتمعات التي وعت و توعت بواسطة التواصل و الإحتكاك و التبادل و كشف المكيال بعدم الكفاية من جانبها. فكل ما دبر وبني و شيد منذ 1945 لم و لن يصفى في عشية و ضحاها. وذلك يتطلب وقت طويل و أخذ الأمور على وجه الحكمة و التدبير المنصف في كل الإجراءات المتخذة.

            
 على سبيل المثال ما تنادي به الجزائر و تصرح به رسميا جعلها مرتاحة في تصرفاتها مع الغير و كل ما تعلنه من مخطط او مصالحة للغير في قضية فلسطين و من الخطط المقترحة في اتفاق الجزائر لدولة مالي و لدولة النيجر و الإتفاق المعلن مع الدولة الفرسية أو السودان الشقيق و ليبيا مؤخرا، المعاملة الحسنة مع الأشقاء و الجيران. هذا كله نابع من صفاوة النية السياسية المبنية على أساس التوازن في الرؤية مع العمل في الميدان و معالجة كل نزاع أو إبطال فعل البرنامج الخارجي بالطرق و الوسائل الملائمة في الوقت المناسب. و هذا ما لا نجده في المحيط الإفريقي و الآسيوي نظرا للإرث الثقيل الذي تأصل و لم يفكر فيه و الضغط المسلط على هذا المحيط.
          
 فمن باب التنبؤات لا غير، إن العدوى تنتشر و تكتسح الأخضر و اليابس لا محالة نظرا لإرث الغل و السيطرة المتجذرة و العواقب تكون وخيمة و الديمقراطية المرجوة لن تكون بالمقدار المنتظر و مَنْ يسلك مناهج سنة الحياة الشرعية نجى بنفسه و شعبه و من شعبه أيضا. و مَنْ لا يأخذ الزاد الوافي لتخطي المرحلة تقهقر.
فالرجوع الى الحق فضيلة و التحلي بالمرونة التي لا تكون على حساب المبادئ و ليس من العار أو العيب بل من الفضيلة والكمال أن يفتح باب التشاور و قبول النصيحة. يقول شيخ في محيطنا بعد زيارة السودان للجزائر من أجل المشاركة في حل الأزمة " إذهبوا إلى قصرالمرادية، هناك رجل منصف لا يظلم عنده أحد".