كنوز نت - بواسطة : ركاز فاعور

غلاء المعيشة وتأثيراتها الاجتماعية.

  • الكاتب سليمان ابو زايد

الغلاء المعيشي هو ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل عام، وهو ظاهرة سلبية تؤثر على الاقتصاد والمجتمع بشكل كبير. وتشمل الآثار الاقتصادية والاجتماعية للغلاء المعيشي ما يلي:

1- تراجع القدرة الشرائية للمستهلكين: يؤدي الارتفاع الكبير في أسعار السلع والخدمات إلى تراجع القدرة الشرائية للمستهلكين، مما يؤثر على نمو الاقتصاد ويزيد من فقر الشعب.

2- ارتفاع أسعار السلع والخدمات: يؤدي الغلاء المعيشي إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات بشكل عام، مما يزيد من الركود الاقتصادي ويؤثر سلبًا على الميزانية الشخصية والأسرية.

3- تراجع الاستثمار: يؤثر الارتفاع المستمر في الأسعار على الاستثمار ونمو الاقتصاد، مما يقلل من الفرص الاقتصادية ويؤدي إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي والتضخم.

4- ارتفاع معدلات البطالة: يؤدي الارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة إلى انخفاض الطلب على السلع والخدمات، مما يزيد من معدلات البطالة وتراجع نمو الاقتصاد.

5- تأثير سلبي على الأسر والأفراد: يتضرر الأفراد والأسر بشكل كبير من الغلاء المعيشي، وخصوصًا الفقراء والمحدودي الدخل، إذ يصبح من الصعب عليهم تحمل تكاليف المعيشة العالية والحفاظ على مستوى معيشي جيد.

ربطاً بما سبق، فإن الظروف الاقتصادية السيئة التي يعاني منها المجتمع ستلقي بظلالها على أفراد المجتمع، لا سيما أن ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية وغيرها من المواد في الأسواق ستؤدي إلى مشكلات اجتماعية وشخصية عديدة تطال معظم أفراد الأسرة وتعمل على زعزعة الاستقرار النفسي والعاطفي لديه.


بطبيعة الحال، فإن غلاء الأسعار يُفرز العديد من المشاكل الاقتصادية التي أضحت واضحة وجلية على الجميع، مثل زيادة معدل التضخم وارتفاع نسبة الإفلاس الشهري بين ذوي الدخل المحدود، وزيادة لجوء الأفراد إلى الاقتراض من البنوك لسد الفجوة بين الدخل والنفقات.

كما تطال ظاهرة غلاء الأسعار الجانب الاجتماعي، حيث تؤدي ظاهرة ارتفاع الأسعار إلى انتشار الظواهر السلبية مثل الكسب غير المشروع كالرشاوى والعمولات وغيرها بين بعض ضعاف النفوس من العاملين في الوظائف الحكومية والقطاع الخاص وزيادة الأمراض النفسية وارتفاع نسب الطلاق والعنوسة، وتفشي ظاهرة التسرب المدرسي بين الطلبة.

فضلا عن تدني المستويات التعليمية للتلاميذ، إضافة إلى انشغال الأسرة بحل المشكلات الاقتصادية المترتبة على هذه الزيادة مما يتسبب في إهمال تربية الأطفال تربية سليمة والانشغال عن همومهم خصوصاً في مرحلتي الطفولة والمراهقة، وهما مرحلتان حرجتان تتطلبان أن يوليهما الآباء مزيدا من الرعاية والاهتمام، لما لهما من انعكاسات نفسية وتربوية تتضح نتائجها وتنعكس تأثيراتها مع مضي الوقت.

نتيجة لِما سبق، فأنه من الأهمية بمكان شعور الأسرة باستقرارها المادي وكفاية دخلها وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها الاجتماعية تجاه أبنائها حتى لا تهتز قيمها الأخلاقية نتيجة لحرمانها من الضروريات المادية اللازمة لاستمرار حياتها اليومية.

كما أن ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، يؤثر في كل مناحي الحياة، وأطاح بحلم تحسين الظروف المادية، إذ تتنوع الآثار الاجتماعية للغلاء وتأثيره الممتد على المجتمع، حيث ينعكس هذا الأمر على كل مناحي الحياة ويعمل على بروز العديد من الظواهر السلبية التي ستطال كل أفراد الأسرة، فلو تفحصنا الواقع الاجتماعي لأي دولة تعاني من غلاء الأسعار، لوجدنا كيف كان لزيادة أسعار المواد الاستهلاكية آثار اجتماعية ملحوظة للعيان تمثلت ببعض الممارسات السلبية التي انعكست على الأنماط السلوكية لأفراد المجتمع.

فالغلاء ترك بصماته وآثاره السلبية على الأسر وخاصة المقيمين فيها، حيث تشتت أفكارهم وتشردهم خاصة عندما يضطر الأب للسفر من أجل توفير لقمة العيش، وهذا يؤدي إلى حرمان الأسرة وتحديداً الأطفال من أبسط حقوقهم، وهي العيش في أمان واستقرار في ظل الوالدين، كما أن علاقة الزوجين العاطفية تتأثر بتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، فالأم غالبا ما تكون أشد فقرا من الأب وأقل منه استعدادا في الدفاع عن نفسها في سوق العمل، حيث أن معظم النساء هن ربات بيوت ولا يعملن.

والأهم أن غلاء الأسعار، يؤدي إلى عزوف الكثيرين عن الزواج وتكوين الأسر الجديدة بسبب عدم القدرة على تحمل المصاريف والتكاليف المعيشية، ما يزيد من بروز بعض الظواهر الاجتماعية كالعنوسة والانحرافات الأخلاقية ومشاكل أخرى لا حد لها.

ختاماً لا بد من توضيح تأثير ظاهرة غلاء الأسعار، والانعكاس السلبي لتلك الظاهرة، والمُتمثل في حالة العجز المادي عند الفرد وعدم قدرته على تلبية احتياجات أسرته، ما يؤدي إلى عدم التوافق النفسي والاجتماعي إضافة إلى أن كثيراً من المدينين يتصفون بحالات من الاضطرابات النفسية والشخصية، فمثلاً يتسم كثير من العاجزين ماديا بعدم السعادة وعدم الرضا والشعور بالعجز وعدم الكفاءة مما يؤدي إلى اعتلال في الصحة النفسية لديهم، لذا فإن تأثير الغلاء وارتفاع الأسعار على اعتلال الحالة النفسية عند الفرد معلوم ومعروف في الأدبيات ذات الاختصاص.