كنوز نت - بقلم : شاكر فريد حسن


                  

قصيدة " الهايكو "



كلما ظهر ولاح شكل أدبي جديد في المشهد الإبداعي، يكثر حوله السجال والجدل، ويختلف حوله طرفان، طرف مناصر له بدعوى التجريب والتحديث، وطرف معارض بدعوى أن الشكل الجديد مأخوذ من ثقافة غربية لها خصوصيتها وتختلف وتتعارض مع ثقافتنا. وهكذا كان الأمر بين أنصار القصيدة العمودية، والقصيدة التي لا تلتزم بحور الشعر والقوافي.

وحين ظهر الشعر الحر في الأربعينيات تصدى له الشعراء التقليديون، واحتدمت المعارك الأدبية بين المناصرين والمعارضين للشكل الجديد، أبرزها المعركة التي نشبت بين عباس محمود العقاد وأحمد عبد المعطي حجازي، والأخير فيما بعد تصدى بدوره لقصيدة النثر ولم يعتبرها شعرًا.

وفي السنوات الأخيرة انتشر لون شعري حديث استهوى الكثير من الشعراء الجدد، وهو ما يسمى بقصيدة " الهايكو "، وهي من أهم أشكال الشعر الياباني، وعبارة عن ومضة أو شذرة تمثل اللحظة الشعورية، وتعبر عن البهاء الكامن في الحياة ويحضر فيها سحر وجمال الطبيعة والمظاهر العابرة للإنسان ومشاهداته الحسية والبصرية والمشهدية بما يتماهى خيال الشاعر مع الطبيعة والذوبان فيها.


وللهايكو مقومات فنية وجمالية تختلف كثيرًا عن مقومات وجماليات القصة القصيرة جدًا، ويعتمد على البساطة والآنية والتكثيف والاختزال اللفظي، وبعيد عن المجاز وزخارف البديع والمحسنات البلاغية.

وهذا " الهايكو "أثار ويثير النقاش حوله، يشتد حينًا ويهدًا حينًا آخر، وتتجند الأصوات والأقلام المناصرة له لإثبات مشروعيتها.

ولكن يبقى السؤال : هل هذا الشكل أو اللون الشعري الحديث سيصمد بوجه المعارضين، ويفرض حضوره وضرورته، أم هو ظاهرة عابرة، وهل لقصيدة من ثلاثة أسطر يمكنها أن تستوعب قضايا وهموم الإنسان المعاصرة وأحلامه وتطلعاته..؟!

هذه الأِسئلة وغيرها وحده الزمن قادر على الإجابة الشافية عنه، وهذا ما ستثبته الأيام في المستقبل المنظور..!!