كنوز نت - كفرياسيف - يوسف جريس شحادة



ألصّوت اُلجميل – أللحنُ في اُلقراءة : أيهما أفضل 

                                                           


       
 قال صاحب اُلتاج : " اللحنُ , ألخطأ وترك اُلصّواب في اُلقراءة واُلنّشيد ونحو ذلك , ولَحن في كلامه مال عن صحيح اُلمنطق , للّحن سبعة معانٍ : ألغناء, أللغة, ألخطأ في اُلإعراب, ألميل , ألفطنة, ألتعريض واُلمعنى".{ تاج اُلعروس من جواهر اُلقاموس للإمام محبّ اُلدّين أبي فيض اُلسيّد محمد الحنفي دار اُلفكر ط1, 2005 , 505-502 :18 }.
    
 قال أبو اُلقاسم اُلزّجاجي : " إن الأسماء لما كانت تعتورها اُلمعاني فتكون فاعلة ومفعولة ومضافة ومضافًا إليها ولم تكن في صورها وأبنيتها أدلة على هذه اُلمعاني بل كانت مشتركة , جُعلت حركات اُلإعراب فيها تنبئ عن هذه المعاني.
   
 ألإعراب هو اُلفارق بين اُلمعاني اُلمتكافئة في اُللفظ وبه يعرف اُلخبر اُلذي هو أصل اُلكلام ولولاه ما ميّز فاعل من مفعول ولا مضاف من منعوت ولا تعجّب من اُستفهام ولا صدر من مصدر ولا نعت من توكيد. وقال اُلصّاحبي: فأما اُلإعراب فيه تمييز اُلمعاني ويوقف على أغراض اُلمتكلّمين وذلك إن قائلاً لو قالَ: ما أحسن زيد، غير معرّب , لم يوقف على مراده فإذا قال ما أحسنَ زيدًا أو أحسنُ زيدٍ أبان باُلإعراب عن اُلمعنى اُلذي أراده ".{ألإيضاح في علل اُلنحو,ألقاهرة د.ت ص 69 }.
    
 إستحوذتنا هذه الاقتباسات لا لشيء، إلاّ لنبيّن معنى اُللحن وأهمية اُلقراءة واُلترنيم السليم. بيد أن اُلمصادر اللغوية بهذا اُلمضمار تربو عن المائة، فليس الهدف لغويّ محض، إلاّ انه ما من مندوحة بذكر فتات من ذلك.
    
غثٌّ وهراء من يؤيّد ويفضّل اُلصوت الجميل في الترتيل واُلقراءة في اُلكنيسة على اُلقراءة الصحيحة السليمة، والأفضل لو اُجتمع الاثنان معًا _ صوت جميل {وهو أمر نسبيّ} وقراءة سليمة ولفظ واضح يرعى مخارج اُلحروف حسب علم الالفاظ "الفونيتيكا ". هذا هو اُلمنشود, ولكن شتّان ما بين اُلموجود واُلمنشود{ ليس بهذا تعميم}.
    
كلي عجب واُستهجان وغرابة لمن يشدّد على اُلصوت عازفًا اُلدّقة في اُللفظ وسلامة اُلقراءة , وقراءة نصّ مقدّس ملحون_ مخطوء يفسد اُلمعنى أيما إفساد , ولنا أن نؤكد_ جلّ من لا يخطئ, ولكن اُلهوّة ما بين هذه اُلمقولة وقراءة نصّ مقدّس بأخطاء مفسدة اُلمعنى قالبة اُلمعنى كليًا فهذا أمر ممنوع قطعًا بتاتا, ونحن لا نتحدث عن اُلقراءة مع علامات اُلإعراب وإّنّما عن اُلحركات اُلداخلية للكلمة. فما هو اُلمطلوب واُلمنشود من قارئ أو مرتل إن أنهى دراسة اُللاهوت أم لم ينهِ أم إن أتمّ اُلمرحلة اُلثانوية أم لا، فليس هذا بيت اُلقصيد _ بل قراءة صحيحة ليؤدّي اُلمعنى اُلمنشود من اُلعبارة.
   
 كتب اُلمطران ناوفيطوس إدلبي اُلمثلث اُلرحمات : " ألكنيسة هي بيت الله قبل أن تكون بيتك إلزام اُلصمت وأرغم على اُلصمت من يحاول أن يحدثك, لا بدّ لك أن تسكت إن كنت تريد أن لا يسكت ربّك. أنت في اُلكنيسة مع اُلملائكة والقديسين , تحضّر باُعتناء لقراءة اُلنبؤات أو سائر اُلصلوات ليكن صوتكَ جهيرًا جليًا ولفظك واضحًا لكي يفهم الجميع , لا تبتذل في الترنيم كمن يغني في مقهى. ليتمّ كل شيء باُحترام واُحتشام وورع وترتيب " { كتاب اُلصلاة ص و-ح}.
   

 هناك من يلفظ بشكل تصطكّ لها اُلأُذن وأحيانا تصمّ أُذن اُلمصغي لكلام اُلربّ, فمثل هذه اُلهفوات تفسد اُلمدلول وتزيّف اُلمعنى,وتثير الاشمئزاز في حالات كثيرة لسماع أخطاء ولا في الخيال، أضرب بعض اُلأمثلة من كتيّب اُلأكاثستُس _نشيد اُلمدائح لوالدة اُلإله _ ألمطبعة البوليسية لبنان 1950 :

1- ص8 " لمّا شاهدَكِ ", لكن عندما تقرأ شاهدكَ, قُلب اُلمعنى وتبدّل اُلمفهوم من صيغة اُلمذكر للمؤنث!
2- ص9 " يعطٍّر ", قُرأت _يُعطِر _ واُلأوزان كاُلحركات تغيّر اُلمعنى فوزن فَعَلَ ليس نظير فَعّلَ !
3- ص13 " ألمحلِّي ", قرأت _ ألمحلَّى_ !! من صيغة اُلفاعل إلى المفعولة!
4- ص21 " تُفرِّح " , قرأت _ تَفْرَح _ !{ ما هذه اُلأمثلة إلا اُلقليل}؟!
     
مثل هذه اُلأخطاء تفسد اُلمعنى وتثير اُلنّفور لدى اُلمصغي اُلخاشع اُلمتمعّن باُلنصّ واُلفحوى ناهيك , عن اُللثغ في اُلقراءة.

ألتقاريظ تسمع = ألتقاريز ؟؟!
ألسّلام = ألثّلام ؟؟
ألمستغيثين = ألمستغيسين ؟؟
تذبل = تزبل !!

وفي عصر تسخير التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي بتنا نسمع ونشاهد أحيانا لبعض من الاكليروس بشتى الدرجات من خوري لايكونوموس لارشمندريت ولاسقف يقرأ نصوصا من الكتاب المقدس بعهديه وللأسف بأخطاء ناهيك انه ما من حاجة لمثل هذا العناء فهناك الانجيل اليومي المقروء وبشكل صحيح وسليم ويبثّ يوميا وتتم مراجعة القراءة وتعديلها وتصحيحها ومن ثمّ بثّها.

   تصمّ اُلأذن للثغ كهذا فحريّ بالقارئ اُلصمت إلاّ إذا كان من أصحاب اُلرأي _ ألصوت كمن يغني في مقهى أو في سباق مفضلاً على اُلدقّة وحفاظ اُلمعنى ففي مثل هذه اُلحالات , أقلّ أقلّه أن يصمت خير من أن يفسد اُلمعنى , لأنّ اُلإعجاز في اُلمسيحيّة هو إعجاز اُلمعنى لا اُلمبنى ومن أفسد بقراءته أو لفظه أو لثغه زيّف إعجاز اُلمدلول وسحر بيان التعبير.