كنوز نت - هآرتس


ثلاث لاءات قد تعرقل أيّ ائتلاف حكوميّ




هل سيكون أكبر انجاز للمشتركة، التوصية على جانتس كرئيس للحكومة؟


النتائج التي تمخّضت عنها الانتخابات حتّى هذه اللحظة غير حاسمة تمامًا: تتألّف كتلة القوى اليمينيّة من 55 عضو كنيست، حازت كتلة معسكر المركز-اليسار على 43 عضو كنيست، حصلت القائمة العربيّة على 13 عضوًا، وحصل حزب إسرائيل بيتنا بزعامة ليبرمان على 9 أعضاء. ممّا أسفر عن حالة اللاءات الثلاث المستعصية جدًّا: لا للحريديم (من جهة ليبرمان)، لا لنتنياهو (من جهة حزب أزرق أبيض) ولا للعرب (من جهة الجميع).

نتنياهو دفع الثمن!

أصدرتم الأوامر فأنقذ الفلسطينيّون الديمقراطيّة- وماذا بعد؟



في مثل هذه الحالة، من شبه المستحيل تشكيل حكومة وحدة وطنيّة. المطالبة بحكومة كهذه  دون نتنياهو بمثابة أمر غير واقعي وأقرب إلى الخيال منه إالى الواقع. بداية، لأنّ نتنياهو لا يزال يشغلُ منصبَ رئيس الحكومة ورئيسَ الليكود المنتخب. ثانيًا، لأنّه يزال يمتلكُ الكثير من القوّة، وبإمكانه إسكات أيّ محاولة للتمرّد ضدّه من جانب عضو الكنيست جدعون ساعر مثلًا، يسرائيل كاتس أو آخرين. لن يجرؤَ يسرائيل كاتس حتّى على الدعوة إلى انعقاد مركز الليكود من أجل عزل رئيس الحكومة، حتّى لو كان يرغب في ذلك. ثالثًا- وهذا هو الأهمّ- حتّى لو كان هناك مَن هو معنيّ في الليكود بعزل نتنياهو، فإنّ هذا الإجراء يتطلّب وقتًا طويلًا وهو إجراء معقّد ولا يمكن تنفيذه في فترة قصيرة الأجل. 




بطبيعة الحال، يكمن المفتاح بيد رئيس الدولة رؤوبين ريفلين. فبموجب المادّة 7 من قانون أساس: الحكومة، يمكنه، بعد عمليّة التشاور، أن يُلقي مهمّة تشكيل الحكومة على عاتق الشخص الأكثر ملاءَمة. هل يُمكنه أنْ يتجاهل أنّ نتنياهو يمتلك السبق هنا لكونه يحظى بتوصية 55 عضو كنيست بالمقارنة مع بيني غانتس الذي لديه توصية من قِبل 43 عضو كنيست فقط؟، هذا سيناريو غير معقول طبعا. لكنّ ريفلين صرّح بأمرين في غاية الأهميّة: أنّه سيعمل لغرض إقامة حكومة في أقرب فرصة ممكنة، لأنّ لا حكومةٌ تقوم بواجباتها منذ حوالي عام . الأمر الثاني، أنّه سيبذل قصارى جهده بغية ألّا تكون هناك جولة انتخابات أخرى، الأمر الذي يُمكن أن يُفضي إلى تحطيم نظام الحكم في إسرائيل، كما حدث في جمهوريّة فايمار في ألمانيا إبّان فترة الثلاثينيّات من القرن الماضي.


من شبه المؤكّد أن يتشاور رئيس الدولة في البداية مع رؤساء جميع الأحزاب والكتل في الكنيست، وليس  حسب رغبة ليبرمان الذي يريد أن يكون صاحب الكلمة الفصل في هذا الشأن. فلا يخفي على أحد أن ليبرمان يود أن يُنصب رئيس الحكومة القادم، وأن يلتقي فوراً مع نتنياهو وغانتس (وربّما مع كليهما).  لن يحدث ذلك، لأنّ هذا ينطوي على المسّ بمكانة جميع القوائم التي جرى اختيارها لتمثيل الشعب. 

من الصعب الإشارة إلى سيناريو معقول يخلو من أي محاولة تفكيك الكتل المتنافسة. سوف يحاول حزب أزرق أبيض التسبّب في حدوث انقسام في الليكود (سيناريو غير قابل للتحقيق تقريبًا)، على الطرف الآخر سيحاول الليكود التسبّب في تفكيك أزرق أبيض، أو استقطاب بعض أعضاء الكنيست وإقناعهم بترك الحزب الذي ينتمون إليه. هذا السيناريو أيضا بعيد الحدوث في الوقت الراهن.

إذا لم تؤدِّ الإجراءات القانونيّة لتنحية نتنياهو- وهذا غير متوقّع الحدوث في الفترة القريبة بعد جلسات الاستماع التي تبدأ بعد حوالي أسبوعين من الآن. سيكون المستشار القضائيّ للحكومة بحاجة إلى المزيد من الوقت لاتّخاذ القرار بشأن تقديم لوائح الاتّهام. يبقى هناك احتمالان معقولان: الاحتمال الأوّل، ألّا يشغل نتنياهو منصب رئيس الحكومة ولكن يواصل عمله كرئيس لليكود؛ لأنّ ذلك يُعتبر شأنًا حزبيًّا داخليًّا، وعلى أساسه يقوم باختيار الوزراء الذين يتولّون الحقائب الوزاريّة في حكومة الوحدة الوطنيّة، التي يترأسها بيني غانتس. الاحتمال الآخر، أن يتولّى نتنياهو رئاسة الحكومة في النصف الثاني من عمر الحكومة، في حال اتّخاذ قرار بعدم تقديم لوائح اتّهام بحقّه. ولكن من المنطقي أن يواصل رئيس الحكومة صاحب التجربة والخبرة شغل منصب رئاسة الحكومة، وأن يكتسب غانتس الخبرة بشكل أفضل من خلال تولّيه حقيبة وزير الدفاع أو الخارجيّة حتّى النصف الثاني من عمر الحكومة.

الاحتمال الثاني هو أن يتخلّى حزب أزرق أبيض عن المطالبة بعزل نتنياهو من خلال ممارسة الضغط المكثّف من قِبل رئيس الدولة. ولكن من الصعب تخيّل حدوث ذلك، وذلك لأن الحزب  قد قطع على نفسه التزامات وتعهّدات من الصعب التراجع عنها، وخاصّة بسبب العلاقات المتوتّرة بين ريفلين ونتنياهو.   

 سيكون المَخرج الوحيد أمام رئيس الدولة ربما، هو أن تُقدّم إليه قائمة موقّعة من قِبل 61 عضو كنيست (حسب المادّة 10 ب من القانون)، يوصون من خلالها على شخص واحد من بينهم يشكل الحكومة. احتمال آخر معقول جداً هو انفصال عدّة أعضاء من حزب الليكود، بالذات أولئك القابعين في آخر القائمة والغير معنيّين بإعادة الانتخابات، ببساطة لأنّ احتمال انتخابهم مرّة أخرى ضئيل جداً. 

في كل هذه السيناريوهات لا دور للقائمة المشتركة، على الرغم من الجهود التي يبذلها رئيس القائمة، لخلق الانطباع أنّه جزءٌ من اللعبة. الاحتمال الضئيل بتوصية القائمة على بيني غانتس أمام رئيس الدولة، تبدّد حين صرخ عضاء التجمع الوطني الديمقراطي عن معارضتهم بشدّة لهذا الإجراء. لكن من المهم التنويه إلى أنّ قيادة حزب أزرق أبيض أيضاً غير معنيّة بدعم القائمة المشتركة، لأن هذا الدعم قد يمسّ بصورة قادتها كاصحاب خلفيّة عسكريّة، الأمر الذي يؤدي إلى استخدام الليكود ونتنياهو ذلك ضدّهم.

من الصعب التنبؤ بكيفيّة تطوّر الأمور، وخاصّة لأنّ كلا  الطرفين قد يقوما بخطوات مفاجئة في الخفاء، وقد قال الأقدمون، أنت لا تدري من أوتيَّ النبوءة؟

د.سليم بريق
الكاتب محاضر في الجامعة المفتوحة وكليّة عيمق يزراعيل