موقع كنوزنت عن : المركز الفلسطيني للإعلام 

غزة:

بقلم رصاص وورقة بيضاء، استطاع الفنان محمد الدلو، أن يتحدى إعاقته الجسدية التي لازمته منذ ولادته؛ ليغير مجرى حياته، بأفكاره وجمال خطوطه الفنية، التي كانت أكبر من مساحة جسده الصغيرة.
وبعد مسيرة تحدٍ وإصرار، نجح محمد (24 سنة) في تحقيق حلمه المتمثل بإقامة معرض فني يعرض أعماله، التي تنوعت ما بين رسم شخصيات كرتونية يستحضرها من مخيلته، ولوحات أخرى تعكس رغبته في ممارسة شعائر الحياة المعتادة، دون النظر إلى إعاقته الدائمة؛ ليكون أول فنان في فلسطين يفتتح معرضاً للأنمي (الأشكال الكارتونية).
ويضفي محمد، المصاب بمرض ضمور عضلات الجسم منذ ولادته، جمالاً استثنائياً على رسوماته عبر دمج الشخصيات الكارتونية المحببة لدى الأطفال بالعلم الفلسطيني ليعطيها صبغة وطنية، في وقت باتت هذه الرسومات جزءًا من حياته اليومية التي يفرغ بها الكثير من مشاعره وأفكاره.
الأنمي حياتي
ووجد معرض الدلو، الذي أقيم في قرية الفنون الجميلة غرب مدينة غزة، تحت عنوان "الأنمي حياتي"، مؤخراً في غزة، ترحيباً كبيراً من الزائرين، الذين حرصوا على مصافحة صاحب الأنامل المبدعة والتقاط الصور معه؛ وهو الأمر الذي جعل حديثه مع مراسلة "المركز الفلسطيني للإعلام" ينقطع مرات عدة، وسط سعادة تجلت على ملامح وجهه الذي أنهكه المرض والتحضير للمعرض.
وقال محمد: "رسم الأنمي يمثل حياتي خاصة أنني كل يوم أرسم لوحة أو أكثر فأجد من خلال هذا الفن مساحة من الحرية والإبداع أكثر من أي مجال آخر بالنسبة لي".
وذكر، أن كل أدواته في هذا الفن هو "قلم الرصاص" و"ورقة بيضاء"، مبيناً أنه بمجرد أن تقترب أنامله من القلم حتى تتناثر خطوطه على اللوحة البيضاء لتشكل شخصية كارتونية جديدة.

وفي المدخل المؤدي إلى المعرض، تبرز لوحة كبيرة وضحت مراحل تطور قدرات محمد في الرسم، وبجوارها وضعت لوحة أخرى كتب عليها "إذا لم تستطع أن تكن قدوة للناس فكن عبرة لهم".
وعلى جنبات المكان علقت 90 لوحة رسمها الدلو، بأمل في الحياة والمستقبل، تناولت موضوعات متنوعة من المشاهد الطبيعية الساحرة ومرح الأطفال، ولوحات تشيد برجال المقاومة الفلسطينية.
ولم يفت الفنان محمد أن يعبر عن المعاناة التي يعيشها سكان غزة؛ نتيجة سياسات الاحتلال الصهيوني.
ويوضح الفنان، أن الرسم بالنسبة له كان موهبة منذ طفولته، وكانت ميوله إليه تزداد يوماً بعد الآخر، لكن الأمر زاد لديه وأصبح جزءا كبيرا من حياته، حينما تعرض للعديد من الوعكات الصحية؛ الأمر الذي جعله يقضي جل فترة الثانوية العامة، في المستشفى وبالتالي لم يستطع إكمال دراسته.
رسالة مبدع
ويتمنى الفنان الدلو، أن يجد من يحتضن موهبته من أجل تطوير فن الأنمي، متأملاً أن يحظى هو وأمثاله من ذوي الاحتياجات الخاصة بالاهتمام والدعم من الجهات الرسمية وغير الرسمية.
وقال: "الإنسان مهما كانت ظروفه فهو قادر على أن يغير صعوبة الوضع الذي يمر به، فكثير من العبارات الجميلة أكتبها وأضعها في ذهني وأسير عليها تمثلت: بكرة أحلى، ....حياتك صنع أفكار".
ولفت، إلى أن قطاع غزة يحمل الكثير من المبدعين، لكنهم بحاجة لمن يحتضنهم ويشجعهم على أن تظهر أعمالهم للآخرين".