ماجد أبو غوش شاعر فلسطيني غاضب



بقلم: شاكر فريد حسن


ماجد أبو غوش شاعر وروائي فلسطيني وكاتب قصص للأطفال من جيل الثمانينات، عضو الأمانة العامة في اتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين، من مواليد عمواس قضاء القدس، ويقيم في رام الله. عرفناه من خلال بواكيره الشعرية وقصائده التي كان ينشرها في صحف ومجلات الوطن الفلسطيني المحتل التي كانت تصدر آنذاك، كالبيادر والفجر الادبي والكاتب والطليعة والشعب والفجر والعهد والميثاق وسواها، ومن خلال مخيمات واعراس العمل التطوعي في الناصرة ابان الحقبة الأولى للراحل توفيق زياد.

عمل ماجد في البناء ثم في مكتبة الشروق، التي كانت مختصة في الكتاب التقدمي، ثم تطور الأمر الى العمل في الطباعة والنشر فأسس وافتتح مطبعة أبو غوش ودار الماجد للنشر والتوزيع في رام الله.

صدرت له أول مجموعة شعرية بعنوان " صباح الوطن " في منتصف الثمانينات، ثم توالت مجموعاته بالصدور ، ولا يزال يواصل مسيرته الأدبية ودرب العطاء الشعري والروائي والكتابة للأطفال.

صدرت له العديد من الأعمال الأدبية توزعت بين الرواية والشعر وقصص الأطفال، وهي: صباح الوطن، قالت لي الأرض، بغداد، عمواس، قيامة، حمى وردة الشهداء، بكاء الوردة، بانتظار المطر، غيمة زرقاء، وأسميك حلمًا وانتظر ليلى، عصيان، هوى الملكات، عسل الملكات، سارة حمدان، أحلام ماجد، فراشة، وفرح العصفوز الصغير".

ماجد أبو غوش شاعر ملتزم بقضايا شعبه الوطنية والتحررية، منحاز للجماهير صانعة التاريخ، وينتصر لقضيتها الطبقية، وانسان متمرد على الواقع، ساخط على المحتل، وعلى الفساد المستشري في كل مجالات الحياة الفلسطينية، وعلى افرازات اتفاق اوسلو المشؤوم.

وهو يكتب لأن الكتابة تحت حراب الاحتلال هي فعل مقاومة بغض النظر عن القيمة الجمالية، ويرى في الشعر مقاومة تهدف الى عدم تمكين المحتل من قتل الانسان الفلسطيني وروح الابداع فيه، وقوله الشعري موجه بالاساس الى بسطاء الناس والجماهير الكادحة المقهورة المستلبة المظلومة المستضعغة المهمشة، العصب الأساس في عملية التحرر والاستقلال الوطني وفي جبهة الشعر المقاوم.

ماجد أبو غوش يكتب عن همومه، وهي هموم أبناء شعبه، ويكتب عن الوجع الفلسطيني والحب والجمال والطبيعة والوطن والمرأة العاشقة، وعن حنينه للمدن الفلسطينية، ويستذكر رفاقه وأصدقائه منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا. ويظهر في نصوصه الجانب الانساني الواضح، ويبدو متشبثًا ومتمسكًا بالصعاليك الجدد، وباعترافه :

أمر على جميع الحانات
أصادق المشردين
أشارك عابري السبيل
تبغي وخبزي وكأسي

وكذلك قوله:


أنا الشاعر المشاغب الثمل الوقح شبه المجنون المغضوب عليه الممنوع من السفر

نصوص ماجد أبو غوش انسانية ووطنية ورومانسية، فيها فكرة وتوجه طبقي واضح، وموقف منحاز لفقراء الوطن، وفيها عفوية تلقائية بسيطة وواضحة بعيدة عن الغموض، وشعره انسيابي في لغته، لا يتصنع اللغة، ولا يتحذلق بمفرداتها، وهي لغة هادئة وغاضبة في كثير من الأحيان.

ويتميز أسلوبه بسهولة الألفاظ، والبساطة والشفافية الجميلة والجزالة، ويحلق في فضاء الشعر وعالم الكلمات المؤثرة الدافئة، ونلمح في ثنايا قصائده روحًا وطنية ثائرة واندماج عضوي مع الوطن والناس في المخيمات.

ومن يقرأ قصائد ماجد أبو غوش يلمس تأثره الشديد والكبير بالراحل محمود درويش، الى درجة اعادة صياغة جملته الشعرية واللجوء الى التناص في الكثير من نصوصه.

والمحور المكاني له ميزة وخصوصية في قصائده، فحيفا ويافا وغزة حاضرة دائمًا وبكثرة عنده، وهي تحضر كلما حضر الشوق الى الحبيبة كما الحرية، كقوله:

يا ليتني حبة رمل تذوب في بوح يافا
أو :
عندما أطل على بحر يافا في عينيك

وايضًا قوله:

في مقهى رام الله.. في شارع ركب-
سأطلب قهوتي مرة وأغمض عيني قليلًا لأشربها معك في موجة عند قدمي حيفا

أما عن غزة هاشم فيقول:

تضيء شمعتها في وجه العتمة والعيد ما زال عالقًا على أبواب غزة

وفي كتاباته يتوافق المضمون والشكل، اللفظ والمعنى، الاستعارة والايجاز مع الدلالة، وعلاقته بالارض والوطن الفلسطيني علاقة روحية حميمة.

ماجد أبو غوش شاعر شفاف مرهف الحس، يمتلك خيالًا واسعًا خصبًا، يكتب القصيدة القريبة من مشاعر الناس لتصل اليهم بسيطة وعميقة في المعنى، وجاءت شواهده الشعرية كثيفة، وقيمة الرؤية الفنية للأشياء تساوى فيها الاحساس مع التعبير الصادق والالتزام الوطني.