
كنوز نت - مصطفى معروفي
عباس محمود العقاد
مصطفى معروفي
ـــ
ماذا بإمكاني شخصيا أو بإمكان أي شخص آخر أن يضيف إلى ما قيل وما يقال وما سيقال عن عملاق من عمالقتنا المعاصرين في الفكر والأدب ،عملاق استثنائي حتى صه حسين كان يتهبه ويعمل له ألف حساب حين يتحدث عنه أو عن بعض آرائه كما يتهب حتى أنصاره وأعني هنا بالعملاق عباس محمود العقاد (1989ـ1964) أحد عملقة الفكر العربي الحديث وأدبه.
في حداثة سني كنت أسمع المديح الذي يكال للعقاد من طرف أترابي وأصدقائي ،وقد قال لي أحد الأصدقاء آنذاك وقد سمع ذلك ممن كانوا يدرّسونه:"العقاد سماه سعد زغلول جبار المنطق"،وهي جملة رسخت في ذهني مع صورة الصديق الذي صار أستاذا للغة العربية فيم بعد.
عرف العقاد بعدائه الواضح لشعر التفعيلة (سؤال:لو كان العقاد حيا الآن ماذا كان سيقول في قصيدة النثر؟)،وهو عندما كان أمينا للمجلس الأعلى للفنون والآداب ومقررا للجنة الشعر فيه كانت تأتيه مجموعة من دواوين شعر التفعيلة فيقرؤها ويضعها في ظرف ويكتب على ظهر المظروف عبارته الشهيرة:
إلى لجنة النثر للاختصاص
وقد رفض العقاد أن يمثل في الشعر مصر شاعران هما صلاح عبد الصبور وأحمد عبد المعطي حجازي في العاصمة دمشق(رأيي :حجازي وعبد الصبور شاعران كبيران وهما من أعمدة الشعر العربي المعاصر) وهدد بالاستقالة لو تم للشاعرين ذلك،فرضخ يوسف السباعي رئيس المجلس وقتها ةألغيت مشاركة حجازي وعبد الصبور.
ما حدث لا حقا هو أن حجازي كتب قصيدة هجاء في العقاد ،قصيدة موزونة مقفاة على بحر البسيط ،وقد فعل حجازي ذلك حتى يثبت للعقاد بأنه شاعر حقا ،وأنه قادر على الشعر العمودي كما هو قادر في نفس الوقت على شعر التفعيلة.
يقول حجازي في القصيدة:
من أي بحر عصيّ الريح تطلبه
إن كــنت تــبكي عليه نحن نكتبه
يا من يحدث في كل الأمور ولا
يــكاد يــحسن أمــراً أو يــقاربه
أقــول فــيك هــجائي وهــو أوله
وأنـــت آخـــر مــهجو وأنــسبه
تعيش في عصرنا ضيفاً وتشتمنا
أنـــا بــإيقاعنا نــشدو ونــطربه
وأنــنا نــمنح الأيــام مــا طــلبت
وفــيك ضاع من التاريخ مطلبه
وفــيك لا أمــسنا زاه ولا غــدنا
وفــيك أبــهت مــا فــينا وأكــذبه
وتــدعي الــرأي فــيما أنت متهم
فــيــه وتــســألنا عــمــا تــخربه
وإنــه الــحمق لا رأي ولا خلق
يعطيك رب الورى رأساً فتركبه
مــستفعلن فــاعلن مستفعلن فعلن
مــستفعلن فــاعلن مستفعلن فعلن
بارك الله في شاعرنا أحمد عبد المعطي حجازي الذي أتفنا وأمتعنا بموعة من الدواوين منها"كائنات مملكة الل"و"مدينة بلا قلب"،ورحم أستاذنا وأستاذ الأجيال العقاد الذي تحتل مؤلفاته القيمة حيزا من خزانة كتبنا،وعلى ذكر مؤلفات العقاد ففي يوم سألوه عن أحب مؤلفات وأقربها إليه فأجاب:
ـ ابن الرومي...حياته من شعره (أدب)
ـ سعد زغلول (تراجم)
ـ عبقرية عمر (عبقريات
ـ وحي الأربعين (ديوان شعر)
ـ الله (فلسفة)
ومن طرائف العقاد ومن ذكائه ونباهته أنه سئل في إحدى المرات عن ذكاء اليهود،فقال إنهم ليسوا على درجة كبيرة منه كما يشاع عنهم،فإخوة يوسف وهم من أئمة اليهود وكبرائهم لما جاءوا بقميص أخيهم يوسف لأبيه يزعمون بأن الذئب أكله نسوا أن يخرقوه ،فكانت الدماء على القميص والقميص سليم ،ولما لاحظ أبوهم يعقوب ذلك قال لهم :
أي ذئب حكيم هذا الذي يأكل يوسف ويترك قميصه سليما بلا خرق.
اللهم ارحم العقاد بقدر ما قرئت مؤلفاته وبقدر ما كتب عنه من بحوث ودراسات ،يا أرحم الراحمين يا رب العالمين.
08/11/2025 07:35 am 26
.jpg)
.jpg)