كنوز نت - بقلم: رانية مرجية



عيدٌ على هامش الوجع
بقلم: رانية مرجية
كل عام وأنتم بخير… أو كما علّمتنا هذه البلاد أن نقول: كل عام وأنتم أكثر قدرة على الاحتمال.
العيد هنا لا يشبه الأعياد التي نراها في الإعلانات، ولا تلك التي ترسمها المسلسلات، ولا حتى ما تحفظه الذاكرة من طفولات بعيدة.
العيد في بلادنا يأتي محمولًا على أكتاف التعب، يخطو بخجل بين ركام البيوت، ويهمس لأرواح الشهداء والأسارى: “سامحوني، مررتُ خفيفًا… لا وقت لديّ للفرح.”
في عيد الأضحى، لا أعرف بماذا أبارك أولًا:
لأمّ تنتظر ابنها الأسير منذ سنين؟
أم لطفلٍ يحلم بخروفٍ من كرتون وليس من لحم؟
أم لذاك الكهل الذي يبتسم كي لا يُقال إنه كسر بهجة أحفاده؟
العيد الحقيقي لا يُقاس بعدد الذبائح، ولا بكمّ الولائم، بل بقدرتنا على أن نضحّي ببعض من أنانيتنا، أن نتذكّر من نسيهم العيد، أن نُربّت على قلب الآخر دون أن نُدينه، أن نكون بشرًا لا مجرد مستهلكين لطقس موسمي.
أنا لا أكتب لكم تهنئة تقليدية، بل أكتب من قلبٍ يعرف أن الفرح في هذه الأرض مقاومة.
أبارك لكم عنادكم في أن تُحبّوا رغم الخراب، أن تضحكوا رغم وجعكم، أن تضيئوا شمعة في ليلٍ لا ينتهي.
كل عام وأنتم أنتم،
بكل هشاشتكم الجميلة،
بكل جراحكم التي لم تفقد أخلاقها،
بكل إصراركم أن تبقوا رغم كل ما يُقال لكم: “ارحلوا.”
وكل عام وهذا الوطن، الذي لا يعترف بالأعياد إلا من نافذة الصبر، يقرّبنا من بعضنا أكثر…
لعلّ قربنا هو العيد، حين لا يكون سواه