كنوز نت - هَـنـــادي عَـفَّـــانـة .

مـاريـيـت

  • هَـنـــادي عَـفَّـــانـة 
مارييت تُهروِلُ إلى حَلكةِ الأقبِيَةِ و تُلاحُقُ أنفاسَها
فتسوقُها إلى دَهاليزِ خوفِها
و الصَّغيرُ تحمِلُهُ أصابُعُ الجَزَعِ
و بُكاؤُهُ على حجرِها
فالحرسُ تركوا أسوارَ إيلياءَ
و فَرَّ الفُرسانُ بخُيولِها
مارييت تُحاوِلُ أنْ تلمُسَ حِجارةَ الجِدارِ المُتبقِّيةِ
و أبوابُ المدينةِ اتَّخَذَتِ الحِيادَ
و وردُ السِّياجِ جاورَ الجُرحَ بالماءِ بالبَرِّيَّةِ
فارتفَعَ قلبُ ماربيت
كهُدهُدٍ جَريحٍ بِلا هُوِيَّةٍ
لمْ يَعُدْ هُناكَ صباحٌ سُندُسِيٌّ
و لا ذِكرياتٌ على رُفوفِ مكتباتِ القلبِ

و لا وردةٌ حمراءُ في حديقةٍ كنعانيَّةٍ
و لا كأسٌ منْ جنزبيلٍ ساخِنٍ على نارٍ هادِئةٍ
و لا مِعطفِ شمسٍ دافِئٍ
بلْ إحساسٌ يتكسَّرُ بَلُّورُهُ
من الخوفِ و الرَّيبةِ و هَمْسٍ لها
مارييت ... تتبَّعِي ضوءَ القمرِ المَسْفوكِ
فسبيلُكِ الوحيدُ إلى طرابلُسَ
خرجَتْ مارييت معَ قَوافِلِ الأسماءِ
و لمْ يُخبِرْها عُشْبُ المَسافاتِ
أنَّ الحُزنَ بأنطاكِيا لمْ يَعُدْ حُرَّاً كالرِّيحِ
و أنَّ فارِسَها المِغوارَ جِلدُهُ كانَ كَفَنُهُ
و وطنُهُ كانَ هوَ قبرُهُ
مارييت لمْ تنظُرْ وراءَها لِتُوَدِّعَ المَنْفى
فأمامَها مَنْفىً آخرُ اسمُهُ الحُرِّيَّةُ

هَـنـــادي عَـفَّـــانـة .