كنوز نت - الطيبة - بقلم : ياسر خالد


الشمس والرياح والإقناع بالقوة والرضا

  • بقلم : ياسر خالد

تروي بعض الأساطير أن الشمس والرياح تراهنتا على إجبار رجل على خلع معطفه؛ وبدأت الرياح في محاولة كسب الرهان بالعواصف والهواء الشديد والرجل يزداد تمسكاً بمعطفه وإصراراً على ثباته وبقائه حتى حل اليأس بالرياح فكفت عنه، وجاء دور الشمس فتقدمت وبزغت وبرزت للرجل بضوئها وحرارتها فما إن شاهدها حتى خلع معطفه مختاراً راضياً.

وهنا يظهر جلياً إن الإكراه والمضايقة توجب المقاومة وتورث النزاع بينما الإقناع والمحاورة يبقيان على الود والألفة ويقودان للتغيير بسهولة ويسر ورضا.

فالإقناع - كما هو الحوار- لغة الأقوياء وطريقة الأسوياء؛ وما التزمه إنسان أو منهج إلا كان الاحترام والتقدير نصيبه من قبل الأطراف الأخرى بغض النظر عن قبوله.


لتكن المنافسة شريفة في البلد

فمع دخولنا معترك الانتخابات للمجالس المحلية، ومع بدء انتشار الحملات الدعائية والإعلانية للمترشحين في مختلف المناطق، يتبين لنا وقبل أن يسوِّق كل مترشح نفسه أمام الجمهور وقبل أن يروج كل منهم لبرنامجه الانتخابي، مدى نزاهة كل مترشح، وهذا هو الأهم.

 بدأنا نسمع عن انتشار إشاعة هنا ضد مترشح من مترشح منافس، كما بدأنا نسمع عن تخريب بعض الإعلانات وتمزيق صور بعض المترشحين حتى ولو كانت في حدود ضيقة وبسيطة. هذا الأمر وارد جداً في كل الانتخابات وفي كل دول العالم، لأن المنافسة لا تخلو في نهاية المطاف من كل هذه الانفعالات والغرائز وإرادة الفوز، والمترشح القوي هو من يدعو ويروج لنفسه ولبرنامجه الانتخابي دون الحاجة للاعتداء على غيره من المترشحين الآخرين. 

فإذا رأيتم -ومن البداية- مترشحاً يحاول أن يضرب منافسيه من تحت الحزام فهو ليس بالشخص المؤتمن على مستقبلكم ولا على سمعة ومستقبلكم.

نعم فليتنافس المترشحون فيما بينهم، لكن يجب أن يكون تنافسهم تنافساً شريفاً يليق بهم وبطموحهم وبرؤيتهم وبمكانتهم.
 أن يكون تنافسهم يليق بشيم ونبل وتحضر أهل بلدهم الذين عُرفوا منذ قديم الزمان بتواضعهم وحسن خلقهم وطيبتهم وتعاونهم. يجب أن يكون تنافس المترشحين نظيفاً، وأن يُؤمن كل منهم أن الانتخابات «فوز وخسارة»، فمن ربح يجب على البقية أن يباركوا له بفوزه ويساندوه حتى ولو كانوا خارج المنافسة .
فمن يضع أمام عينيه مصلحة بلده ليس كمن يضع أمامه مصالحه الشخصية، فمن يربح لا بد أن يسعى ليكون البلد هو الرابح معه لا العكس.




فبين الود والورد تعالج القضايا الاجتماعية وبالأخلاق نرتقي ونلتقي

قمن أخلاقنا الجميلة تستوجب علينا أن نكون في غاية الرقي والأدب مع الجميع ونتعلم بأن من صنع فينا معروف نشكره وهي كلمة ربما إختفت من قاموس البعض، لا سيما هؤلاء الأشخاص الذين أصيبوا بالجفاء، فلا يقدمون الشكر للآخرين على معروف قدموه، أو صنيعاً فعلوه، وربما يكون الغرور والتكبر وراء عدم البوح بهذه الكلمة.

كلمة “شكرًا”، لا تُباع ولا تُشترى، لكنها تدل على المعادن الأصيلة، التي تقدر الأمور، وتبرهن على صفاء القلوب ونقائها،فمن كان من طبيعته، وخلقه عدم شكر الناس على معروفهم، وإحسانهم إليه .

هذه الكلمة، ربما يكون لها مفعول السحر على الآخرين، عندما يستقبلون كلمة الشكر على إنجاز عمل أو تحقيق نجاح، أو إنهاء أمرًا ما، فيزيدهم الأمر إصراراً على المواصلة.

لا تنسوا الفضل بينكم، ولا تنسوا شكر من قدم إليكم معروفاً ومن صنع أمراً هاماً ، فدربوا ألسنتكم على كلمات الشكر للغير، لأنها تسكن في القلوب الألفة والمحبة والود.

لا تتكبر وأنتم بموقع قيادة ولا يسيطر عليك غرورك فتتكبر حتى يعم العدل والألفة والمحبة بين الناس، وحتى نصنع سلاماً داخلياً ونساهم في عودة أخلاقنا الجميلة .

أعمارنا مرتبطة بمقدار ما نعمل


مفاهيم خاطئة تكرست منذ سنوات طويلة في أوساط ممارسي السياسة عموماً، والمتابعين لها، وكم هي محيرة، ومؤلمة بعض تلك المفاهيم الغريبة التي تأصلت في نفوس البعض حتى بات الكثير يتناقلها دون تروٍ أو تمعن، وتوارثها العض جيلاً بعد جيل فأضحت وكأنها هي أحد المبادئ الرئيسة التي يرتكز عليها المجال السياسي برمته، أظننا عندما نطلق كلمة الخصم فإننا نوحي للمتلقي بأننا وسط نزال حربي تذهب فيه المثاليات بعيداً، وأعتقد جازماً بأن الحديث بلغة أكثر تعقلاً يجعلنا نستبدل كلمة "الخصم" "بالمنافس" مهما كان ذلك المنافس ومن أي جهة  فإنه يظل يؤدي أمامك منافسة شريفة.

ليتنا نتعاون لنؤصل مثل هذه المبادئ الجميلة في عقول الناشئة الصغار حتى يتحقق لهم درجة رفيعة من الإدراك منذ سن مبكرة بضرورة التحلي بالروح الرياضية،وعندها سيعرفون بالتأكيد أن الفوز،والخسارة واردان جداً في منافساتها المثيرة.
هكذا تؤسس المجتمعات حضاراتها ثم تدير بلدانها ومجامعاتها بالمنافسة الشريفة ثم بتطوير الأفكار ..!!