كنوز نت -  الـشَّـاعِـرُ هَـنــادي عَـفَّــانـة .

لَـمْ تُـخْـبِـريـنـي يـا أُمِّـي

  •  الـشَّـاعِـرُ هَـنــادي عَـفَّــانـة .
أنا ابنُ رُوحِكِ يا أُمِّي
فما ألَمَّ بكِ قد ألَمَّ بي
سافرْتُ باحِثاً عنكِ في داخلي
و طرقْتُ أبوابَ الصَّمْتِ والغِيابِ بلُغَتي
لمْ أستَطِعِ الهُبوطَ في الماضي لِمَرسى شَفَتِيْ
لمْ تُخْبرِيني حينَ وُلِدْتُ
أنَّ الحَياةَ لمْ تَكُنْ يوماً قِبلتي
لمْ تُخْبرِيني أنَّ حِبالَ الصوتِ
المُرتَفِعةِ مِشْنقةٌ لِحَنْجرتي
لمْ تُخْبِريني ألَّا ألمِسَ باللَّيلِ
صُوفَ الفَراغِ فهُوَ كِسْوَتي
لمْ تُخْبِريني أنَّ الحِسَّ
قد يندَسُّ في ثُقْبِ إبرةٍ
أخِيطُ بها جِراحَ إخوتي
لمْ تُخْبِريني أنَّ اسمي
سَيُوارِيهِ الثَّرى في أرضِ الذِّكرى
و العُشْبُ ينبُتُ على جَسَدي
لمْ تُخْبِريني أنْ قلبي

سيَشِيعُ في جبلِ جَلْعادَ وفي سُومَرَ
وفي كُلِّ وادٍ سينبُضُ قلبي
لمْ تُخْبِريني أنَّ جُرحي ورودُهُ حَمراءُ
أُهدِيها لِحَبيبٍ يَضَعُها على قبري
لمْ يَمُتْ أحدٌ مِنَّا بالإنابةِ عنِ الآخَرِ
و هذا خبرُ وَردي
ولمْ يتحسَّسْ أحدٌ فِينا جِلدَ الغِيابِ
كي يشتَمَّ عِطرَكِ و عِطري
دَعِينا نتوضَّأْ بماءِ الحَبَقِ
عندَ غُروبِ الشَّمسِ
واللَّيلُ مُدبِرٌ يَمضي
دَعِينا نختَبِئْ معاً
في موجةِ بحرٍ هادِئةٍ
و نرفَعِ الآذانَ لِلرَّحِيلِ
على سَجَّادةِ الرَّملِ و نُصَلِّي
دَعِينا نَدْعُ مُجدَّداً لِأسمائِنا أنْ تلتقِيَ
لِقاءً بِلا وَداعٍ على مُفترَقِ حَديثٍ قَمَريٍّ


  •  الـشَّـاعِـرُ هَـنــادي عَـفَّــانـة .