ثقة المؤمن بربِّه أسمى من الشُّمِّ الرَّواسي

بقلم : الشَّيخ حمَّاد أبو دعابس رئيس الحركة الإسلاميَّة 

يؤثَر عن العالم الرَّبَّانيِّ الجليل عبد القادر الجيلانيِّ رحمه الله ، مقولةً عظيمةً وحكمةً بليغةً يقول فيها : "كن مع الله بغير خلق ، وكن مع الخلق بغير نفس ، وكن مع النَّفس بغير أمن " . وهكذا ينبغي للمؤمن أن يكون في قوله وعمله . فإذا قال أو فعل شيئاً ، إبتغى به مرضاة الله تعالى ، ولم ينظر إلى أهواء العباد وشُكرهم أو ذمِّهم ، بل ينظر إلى ما يرضي الله تعالى ، فيخلص به لربِّه ، ويحسن التَّوكُّل عليه . ويوقن أنَّ الخلق لو اجتمعوا على أن ينفعوه أو يضرُّوه ، فلن ينفِّذوا إلّا ما كتبه الله له أو عليه .

أمَّا في تعامله مع النَّاس ، في مخاطبتهم أو نصحهم ومعاتبتهم ، وفي كلِّ تعاملاته معهم ، فالأصل أن يصدقهم ، ويحسن مخاطبتهم ، ولا يدخل أهواءه بينه وبينهم . فلا ينصحهم بما يتوافق مع أهوائه على خلاف منفعتهم . ولذلك ، فإنَّ القاضي ، والشَّاهد في المحكمة ، إذا كانت القضيَّة بين قريبٍ وغريبٍ عنه ، فإنَّه سيجد بسهولة من يشكِّك في نزاهته وحياديَّته ، لأنَّ النَّاس ينظرون إلى مصلحته الخاصَّة وعلاقته المباشرة في القضيَّة . ولا يقدر على عزل نفسه وأهوائه عمَّا بينه وبين الخلق ، إلَّا ذوو النُّفوس الكبيرة ، الَّذين يقولون الحقَّ ولو على أنفسهم أو الأقربين .

أعمالك وأخلاقك تصنع بَصمتَك

كان للإمام الشَّافعيِّ رحمه الله حُسَّادٌ كثر ، وكان للإمام أحمد مثلهم وأكثر ، كلُّهم حاولوا طمس إسميهما ، وتقزيمهما ، لكنَّ الله تعالى رفع قدرهما ، وأعلى ذكرهما ، بفضل إخلاصهما لربِّهما ولغزارة علمهما ، وسموِّ أخلاقهما . ولذلك ، فمهما سعى النَّاقمون للنَّيل منك ، إحرص على إخلاص عملك لله ، وإتقانه ما استطعت ، وأحسن التَّوكُّل عليه سبحانه ، فلن يضرُّوك بإذن مولاك . فلن يخفضك أحدٌ إن أراد الله أن يرفعك ، ولن يضرَّك أحدٌ إن أراد ربُّك أن ينفعك ، فكن مع الله ولا تبالي بأحد .

على العهد دوماً يا شعبي


من ميدانٍ إلى ميدان ، في كلِّ آنٍ وزمان، ومن مكانٍ إلى مكانٍ ، يمضي حملة المشروع الإسلاميِّ المبارك . يخدمون شعبهم وأُمَّتهم ، بلا تقاعسٍ ولا خذلان . يرجون رحمة الرَّحمن وفضل المنَّان ، ويطمعون في أعالي الجنان ، برفقة النَّبيِّ العدنان . ويطمعون أن يشاركهم هذا الفضل كلُّ شعبهم الوفيِّ الكريم ، بلا تفضُّلٍ عليهم ولا استعلاء .

من القدس إلى إسطنبول ، ومن غزة إلى النَّقب ، من نابلس حتَّى الخليل ، ومن العراقيب حتَّى الجليل . هنا إغاثةٌ ، هناك تضامنٌ ، هذه خدمة مريضٍ ، وتلك قضيَّة بيتٍ ومسكن ، ساعةٌ مع يتيم ، وساعةٌ مع طالب علم ، وأخرى مع مدرسةٍ لتحفيظ القرآن . هنا محكمةٌ نناصر فيها مظلوماً ، هنا منبرٌ محليٌّ وآخر دوليٌّ ، نرفع فيها قضايا شعبنا للرأي العام . والبرنامج مكتظٌّ .............ففي الأفق مؤتمراتٌ ، ومعسكراتٌ تطوُّعيَّةٌ وأخرى دعويَّة وتربويَّة ، محاضرات ، وافتتاح عيادات ، وإعمار مساكن ، وتواصلٌ مستمرٌّ لخدمة شعبنا ، دون كللٍ أو مللٍ ، ودون منٍّ أو استعلاءٍ .

متواضعون ولكن ........

كلُّ الَّذي أسلفنا ، ما هو إلَّا عناوين لأعمالٍ جبَّارةٍ متواصلةٍ ، يقوم عليها أبناء الحركة الإسلاميَّة ، ومعهم كلُّ شرفاء شعبنا ، المستعدُّون لنصرة مشاريع العطاء والبذل المخلص . لا نمنُّ على أحدٍ ، ولكننا لا نقبل أن يبخِّسنا حقَّنا أحد .
لا نهاجم أحداً ، ولكنَّنا لن نقبل بالتَّطاول علينا .

واثقون بأنَّ أعمالنا وأخلاقنا ستشفع لنا عند ربِّنا ، وعند المنصفين من أُمَّتنا .
وليتعب المتصيِّدون لسقطاتنا ، فمن يعمل كثيراً ، ويتحرَّك كثيراً ، سيخطئ بعض الأحيان . ولكنَّ القافلة مستمرَّةٌ بالمسير ، على خطى البشير النَّذير ، وتحت عين الله العزيز الغفور ، السَّميع البصير .
" والله غالبٌ على أمره ولكنَّ أكثر النَّاس لا يعلمون " .