يوم الفانوس في مدرسة عيلوط أ- الابتدائيّة


إذا كنت تريد لأطفالك أن يكونوا أذكياء، فاقرأ لهم الحكايات،

وإذا كنت تريد لهم أن يكونوا أكثر ذكاء، فاقرأ لهم المزيد من الحكايات".

ألبرت أينشتاين

 

استقبلت ابتدائيّة عيلوط أ ، صباح الخميس مندوبين من مكتبة الفانوس، في برنامج حافل ضمّ العديد من الأنشطة والفعّاليّات الفنيّة والإبداعيّة المتنوّعة، 

 وقد استهلّ مدير المدرسة د. ياسر أبو راس حديثه بمقولة :" قيل لأرسطو : كيف تحكم على إنسان ؟ فأجاب: أسأله كم كتابًا يقرأ وماذا يقرأ ". ثم أردف قائلا: "يأتي هذا المشروع إيمانًا منّا بلغتنا العربيّة، لغة الهّويّة والحضارة  والثقافة، ولغرس قيمة المطالعة في نفوس تلاميذنا وتعزيزها ونظرًا لأهمّيتها، إذ تعتبر المطالعة ضرورة حضاريّة للإنسان في جميع مراحل حياته، فبالإضافة إلى كونها وسيلة لاكتساب المعرفة، تعتبر أيضًا وسيلة للمتعة ولإشباع ميول القرّاء لتحقيق ما يلتمسونه من حاجات نفسيّة أساسيّة، كالحاجة إلى الأمان والمحبّة والتحقيق الذاتيّ والتطهّر من المشاعر السلبيّة، وحاجات اجتماعيّة كتنمية مهارات المشاركة والصداقة وإشغال دور اجتماعيّ وإشباع الحاجة إلى الانتماء الخاصّ والعامّ. كذلك أثبتت الأبحاث أنّ لاكتساب اللغة وتنمية الوعي القرائيّ في سنّ مبكرة تأثيرًا كبيرًا على تنمية القدرات الذهنيّة المختلفة، والقدرة على التركيز والتأمّل وتنمية الخيال، وغير ذلك. 

انضمّت مدرستنا في هذا العام الدراسيّ لمشروع الفانوس، وبرأيي أنّ مشروع الفانوس يخدم حياتنا ونهجنا المدرسيّ ويتماشى مع رؤيتنا وسياستنا في تعزيز اللغة والهُوية والتراث، وانتماء أبنائنا لحضارتهم وإرثهم الثقافيّ، وفي إنشاء تلميذ بل مجتمع واعٍ ومتنور.

لطالما تبنّينا في مدرستنا المشاريع التي من شأنها تعزيز العلاقة بين التلميذ والكتاب، فمنذ سنوات عدّة خصّصنا في كل صف مكتبة صفية، تكون في متناول اليد، في أي وقت يشاء التلميذ، ومع بداية العام الدراسي الحالي بادرنا بمشروع المدرسة القارئة، ومن خلاله، هنالك محطّات عديدة ومتنوعة مع الكتاب، حتي في التقييم خصصنا ملفًّا يوثّق أداء التلاميذ في حصة المطالعة وتعاملهم مع الأنشطة والفعّاليّات المختلفة.

تسعى المدرسة دائما إلى توطيد العلاقة مع الأهل والمجتمع المحلّي، والكتاب خير وسيط لذلك، فما أجمل أن تجتمع وتلتقي المعلمة والأم والتلميذ على كتاب، ليكون الرابط بينهم. هذا التواصل الإيجابيّ يقوم على القراءة وعلى الحوار بينهم حول قيم إنسانيّة واجتماعيّة. وهذه نقطة أخرى في لبّ المشروع  وصميمه ويتوافق مع سياستنا تجاه مجتمعنا. وختم حديثه بتحيّة تقدير لطاقم المربّيات ومعلّمات التربية اللغويّة على ما بذلنه من جهود في في سبيل إنجاح البرنامج، وما يقدّمنه من عمل متفانٍ ينمّ عن إخلاص وانتماء للمدرسة وتلاميذها، وهذه الأنشطة من شأنها أن تعزّز من أداءات التلاميذ المختلفة، ومن مهاراتهم ومؤهّلاتهم الاجتماعيّة والعاطفيّة، ومن منظومة العلاقات داخل المدرسة. 

وقالت السيّدة منى سروجي، المشرفة على اختيار وإصدار الكتب في مكتبة الفانوس، إنّ مشروع مكتبة الفانوس س منذ عام 2013 في الرّوضات والبساتين العربيّة، وامتدّ إلى الصّفوف الأولى والثّانية في المدارس منذ مستهلّ العام الدّراسي الحالي، وهو مموّل بالأساس من وزارة التّربية والتّعليم بمشاركة صندوق غرنسبون. هدف المشروع الأوّل هو تحبيب الطّفل بالكتاب ليصبح رفيقًا له، يغذّي خياله، ويوسع معارفه، ويجد فيه تعبيرًا عن مشاعره وأفكاره. الهدف الثّاني هو تشجيع الأهل على قراءة الكتب مع أطفالهم من عمر مبكر، لِما في ذلك من تعزيز للرّوابط الأسريّة، والحوار معهم حول ارتباط مضامين الكتب بحياتهم.

وأضافت سروجي: لفتني في جولتي اليوم بين الصّفوف الأولى والثّانية في مدرسة عيلوط  أ الابتدائيّة، هذا الشّغف لدى الطّلّاب والمعلّمات في التّعامل مع الكتب الموزّعة، والإبداع في إخراج القصّة من حيّزها التّعليمي إلى فضاءات تعبيرٍ واختيار مختلفة عاشها الطّلّاب خلال الفعاليّات المختلفة. فالنّقطة في كتاب "النّقطة" الموزّع على طلّاب الأوّل اتّخذت مفهومًا موسيقيًّا وحركيًّا غير مفهومها الكتابي، وجزيرة ياشكا (عنوان الكتاب الموزّع على طلّاب الثّاني) تحولّت إلى جزيرة الأحلام الشّخصيّة لكلّ طالب من خلال نشاطٍ في الكتابة الإبداعيّة.


لفتني أيضًا حضور الأهل الفعّال، سواء في المشاركة بتنفيذ الفعاليّات الصّفيّة، أو في الأعمال الإبداعيّة الّتي قاموا بها مع أطفالهم في البيت.

كلّ التّقدير للطّلّاب وللمعلّمات ولإدارة المدرسة، عملكم يُدفئ القلب.

وختمت المربّية جنان زعبي، منسّقة المشروع في المدرسة  الحديث بعبارة "نحو إضاءة حبّ المطالعة لدى الأطفال، والأهل، والمجتمع المحلّي. هنالك علاقة قوية بين القراءة والمطالعة ، وتنمية المهارات الذهنية  والإدراكية عند القارئ، فالمطالعة تنمّي قدرات الطفل اللغويّة والتعبيريّة وتغني مخيّلته وتساهم في نجاحه. 

هذا العامّ انضمّت المدارس الابتدائية- الصفوف الأولى والثانية لمشروع الفانوس، مع العلم أنّ هؤلاء التلاميذ ينضمّون للمشروع للسنة الثالثة امتدادًا لمرحلة التعليم قبل الابتدائيّ، بمعنى أنّ هذا المشروع هو أيضًا حلقة وصل هامّة بين هاتين المرحلتين التعليميتين. تقوم على توطيد العلاقة بينهما.

بحكم وظيفتي في الإرشاد القطريّ أرى أنّ هنالك تطابقًا تامًّا في أهداف التنوّر القرائيّ- المطالعة، بين الجهاز ومكتبة الفانوس، فكلاهما يهدفان إلى حبّ المطالعة وتشجيعها، نريد تلاميذ ومجتمعًا يتفاعل مع الكتاب، ويعمّق من مخيّلته وفكره ويوسّع من ثقافته ومعلوماته.

ومن خلال مكاشفة جمهور المعلّمات للمشروع ضمن مؤتمرات اللغة العربيّة والأيّام الدراسيّة، لمستُ مدى تقبّل المعلّمات واستعدادهنّ ورغبتهنّ لهذا المشروع، فقد تحمّسن له كمشروع يضيف للمدرسة الكثير، خاصّة وأنّه مشروع منظّم مع خطوط بارزة لتطبيقه، وهو خير نموذج يدمج بين التعلّم والمتعة.

هذا المشروع هو مشروع تنمية مجتمعيّة تتخطّى حدوده جدران المدرسة وأروقتها ليصل إلى كلّ بيت وكلّ مؤسّسة.

العام سيحظى تلاميذ هاتين المرحلتين بأربع قصص، وفي هذا الأسبوع  بدأت المرحلة الثانية من التوزيع: كتاب أنا والأنا للصفّ الأوّل، وكتاب غيمومة للصف الثاني.