توما-سليمان: "حكومة تهجر وتهدم غير قادرة على تطوير خطط ملائمة"


أخذت على عاتقي منذ إنتخابي نائب ورئيسة اللجنة البرلمانية للنهوض بمكانة المرأة والمساواة الجندرية أن اتابع قضيّة تشغيل النساء بشكل عام، والنساء العربيات والعربيات البدويات بشكل خاص. قضية تشغيل النساء هي قضية اساسيّة لرفع مكانتهن وتعزيزها في المجتمع من جهة، وللنهوض بإقتصاد مجتمعنا من جهة اخرى. بالرغم من ان هناك قفزة رائعة بعدد النساء العربيات البدويات، خاصة الشابات منهن، بالحصول على شهادات تعليم عالي، ومحاولات ناجحة لاندماج بسوق العمل، الّا ان هذا الامر لا ينعكس في نسبة النساء العاملات في المجتمع البدوي التي لا تتعدى الـ 24%. هذه النسبة تعكس عدم صدق نوايا الحكومة تجاه المجتمع العربي البدوي." 

بهذه الكلمات افتتحت النائبة عايدة توما-سليمان (الجبهة- القائمة المشتركة) اليوم (الاثنين) جلسة اللجنة للنهوض بمكانة المرأة برئاستها، والتي هي جزء من سلسلة جلسات ستعقد هذا الاسبوع وفي الاسبوعين القادمين حول تنفيذ الخطة الخماسية للسنوات 2017-2021 التي أقرتها الحكومة لتطوير المجتمع البدوي في النقب مع التشديد على قضية تشغيل النساء العربيات البدويات. 
 
وتناولت الجلسة الاولى دور وزارتيّ المواصلات والصحّة في تنفيذ الخطّة، في حين ستعقد جلسات في الاسبوع القادم مع وزارات العمل والرفاه الاجتماعي، التعليم، الاقتصاد، وجلسة تلخيصية مع وزارة الزراعة المسؤولة عن الخطة. وكان قد شارك في الجلسة النوّاب عن القائمة المشتركة، سعيد الخرومي، جمعة الزبارقة وحنين زعبي، الى جانب مشاركة ملفته للجمعيات ومؤسسات العمل المدني الناشطة في النقب، ونساء نقباويات شاركن الصعوبات التي يواجهنها امام اللجنة.

وأتت هذه الجلسة استكمالًا للجلسة التي عقدتها اللجنة في شهر تشرين اول الماضي في موضوع الخطة الحكومية الخماسية للسنوات 2012-2016، التي وصفتها توما-سليمان بأنها فشلت فشلًا ذريعًا في زيادة نسبة تشغيل النساء العربيات البدويات، ففي حين وضعت الخطة هدفًا لها زيادة نسبة التشغيل حتى تصل لـ 42%، وصلت النسبة في نهاية الخمس سنوات لـ 24% فقط، بزيادة 1% على نسبة النساء المدموجات في سوق العمل منذ بداية تنفيذ الخطة. 
وأضافت توما-سليمان في بداية حديثها " في الجلسة السابقة التي تناولت الخطة الحكومية السابقة كان احدى اهداف الخطة زيادة نسبة تشغيل النساء حتى تصل لـ 42%، لكننا اليوم نقف امام خطة خماسية جديدة للخمس سنوات القادمات مع نفس الهدف، مما يؤكد فشل الخطة السابقة. وعليهِ قررت ان لا انتظر حتى نهاية تنفيذ الخطة بل متابعة عملها وعمل المكاتب الحكومية بشكل متواصل لضمان تنفيذ هذه المشاريع وزيادة نسبة النساء العاملات. لهذا ستعقد اللجنة جلسات في الاسابيع القريبة مع كل وزارة بشكل منفرد للوقوف على دورها في الخطة وفحص اداءها ومدى تنفيذها لهذه المشاريع" 

"القرى مسلوبة الاعتراف غير موجودة ضمن حسابات ومشاريع وزارة المواصلات "

هذا وطالبت توما-سليمان من مندوبي وزارة المواصلات الاطّلاع على خطط الوزارة ودورها في الخطّة، مشددة على اهميّة مد قرى النقب بالمواصلات العامة لاتاحة الفرص امام النساء اللواتي يردن العمل في المراكز والمناطق الصناعية حيث قالت " لا يمكن الاكتفاء بوجود مواصلات عامة في المدن الكبيرة في النقب، يجب وصل القرى والقرى غير المعترف بها بالمدن الكبيرة والمناطق الصناعية لتتمكن النساء من الوصول الى اماكن عملهن بسهولة وبالساعات المطلوبة." 

وفي ردها على مداخلة مندوبة الوزارة التي ادّعت ان مشاريع الوزارة طور التخطيط، وان هنالك مشكلة في البنى التحتيّة في القرى غير المعترف بها مما يعرقل مدها بالمواصلات العامة، قالت توما-سليمان " الادعاء ان القرى مسلوبة الاعتراف غير جاهزة في بناها التحتية لدمجها في خطوط المواصلات العامة وقح، بحسب الخطة فإن وزارة المواصلات هي المسؤولة عن بناء بنى تحتية وتجهيزها وتعبيد الشوارع وبناء محطات للمواصلات العامة. لكن على ما يبدو أن القرى مسلوبة الاعتراف ليست ضمن حسابات وخطط وزارة المواصلات" 

وأضافت " هذه الحجج الواهية لتنصل الحكومة من مسؤوليتها لا تقنعني. مشكلة المواصلات في قرى النقب لا تقتصر على القرى غير المعترف بها، ففي قرى نقب كثيرة حتى المعترف بها لا يوجد خطوط مواصلات تربط بينها وبين المدن الكبرى."

وانتقدت توما-سليمان عدم توفير الكثير من الاجوبة من قبل الوزارة، بحيث قالت " لسنا هنا من اجل عرض خطة عامة، انما من اجل الوقوف على مشاريع الوزارة في قضية محددة وهي دور الوزارة في قضية زيادة نسبة تشغيل النساء. لم يعرض امامي اي خطة محددة، وهذا امر غير مقبول، اطالب الوزارة بتقديم خطط مفصلة لنيّتها بمد القرى في النقب بالمواصلات"

وزارة الصحة لم ترَ حاجة لاستثمار الاموال المخصصة لتشغيل النساء العربيات


هذا وتطرقت الجلسة أيضًا لدور وزارة الصحة في تنفيذ الخطة الحكومية وزيادة عدد النساء العربيات البدويات المشغلات في المواضيع الطبيّة مؤكدة أن هنالك نهضة في وعي الشابات للمواضيع المطلوبة في سوق العمل، وعلى الوزارة تسهيل الطريق امام هؤلاء الشابات بواسطة بناء مشاريع تشجع على تعليم مواضيع طبية وفتح امكانية مساقات تعليمية مختصرة امام النساء الاكاديميات ودورات تدريبية تمكنهن من الاندماج في سوق العمل في سلك الخدمات الصحيّة.

وعرض مندوبي وزارة الصحة معطياتهم امام اللجنة اذ ان بحسب هذه المعطيات هنالك 40 مركز صحة للأم والطفل، 20 منهم موجودون في قرى غير معترف بها وتعمل بهنّ 24 ممرضة عربية بدوية بحيث لا تزال هنالك 15 وظيفة غير شاغرة لعدم وجود القوى العاملة المناسبة بحسب الادعاء.
وفي هذا الشأن قالت توما-سليمان أن " في عام 2016 اعادت وزارة الصحة 13 مليون شاقل من أصل 20 رصدوا لتشغيل النساء العربيات، بحجة أنها اموال فائضة. على ما يبدو أن وزارة الصحة لا ترى حاجة للاستثمار بهذه الموال من أجل تطوير سلك الخدمات الصحية في النقب، ولا لبناء مشاريع تدريب ومشاريع دمج النساء البدويات في التعليم الاكاديمي في المواضيع الطبيّة" 

وأضافت " قرى كاملة غير موصولة بأية خدمات طبيّة. المواطنون البدو في النقب يقطعون مسافات طويلة من اجل الحصول على خدمات طبية اساسية. قرية تل- عراد يقطن بها 2500 نسمة ولا يوجد بها صندوق مرضى او مركز صحة. الادعاء بأن هنالك نقص بالقوى العاملة مرفوض، بامكان وزارة الصحة الاستثمار في تعليم وتدريب النساء في سلك الصحة، حتى تتوفر هذه القوى العاملة" 

الحكومة غير معنيّة اصلًا بتطوير البنى التحتية

بدوره قال النائب جمعة الزبارقة أن عدم ازالة العوائق وتذليل التحديات من أجل دمج النساء في اماكن العمل ورفع نسبة العاملات هو جوهر القضية لأن تسجيل الميزانيات على الورق دون تنفيذ لا يحل الضائقة. وأضاف الزبارقة ان هذه الميزانيات مسؤول عنها وزير الزراعة ويصرفها وفق سياسات تخدم نهجه العنصري. كما وأكد على ضرورة وضع الخطط لاتاحة اماكن العمل واقامة مناطق صناعية في البلدات العربية في النقب لاسيما وانها من ابرز العوائق امام النساء في سوق العمل

وفي نقاشها أكدت النائبة حنين زعبي ان الدولة التي تحاصر النساء العربيات في النقب فتصادر اراضهن وتضيّق مساحات الرعي، مصادر الرزق الاساسية للعرب البدو، لا يمكنها أن تأت وتتحدث بجدية عن رفع نسبة عمل النساء. من المضحك أن تأت وزارة الزراعة، ذراع الطرد الاولى في النقب وتتحدث عن رفع نسبة عمل النساء العربيات في حين تصادر مصدر الرزق الاول – الارض. في بير هداج القرية الوحيدة التي بقي فيها نوع من الزارعة تخصص الدولة نصف دونم للزراعة للعائلة مقابل 300-3000 دونم للعائلة اليهودية.

الى جانب ذلك انتقدت زعبي الخطة الخماسية مشددة على انها تقتصر على عملية تأهيل النساء أي تطوير الرأسمال البشري، وليس على زيادة فرص العمل قائلة ان الامرين عليهما ان يسيرا بالتوازي.

وفي تلخيصها للجلسة قالت توما سليمان أن هذه الحكومة عملت وتعمل جاهدة لعدم تطوير البنى التحتية في هذه القرى تحديدًا كي تعفي نفسها. هذا ليس تقاعس فحسب او خلل في بناء وتنفيذ الخطط التي اقرتها الحكومة ذاتها، انما سياسات واضحة وقرارات سياسية لعزل السكان العرب البدو في النقب وجزء من الهجمة السلطوية ضدهم.

واضافت توما-سليمان " هدف هذه الجلسات هو الوقوف بشكل ملموس وواضح على تنفيذ الخطط، أطالب الوزارتين بتقديم الخطط المقررة، كل وزارة لدورها في زيادة نسبة تشغيل النساء البدويات. اريد هذه الخطط لديّ في اقرب فرصة. في الاسبوع القادم سنناقش دور وزارة العمل والرفاه الاجتماعي، وزارة التعليم ووزارة الاقتصاد، تحدثنا فيما يكفي حول اهمية تشغيل النساء وان الاوان لمراقبة الخطة عن قرب وبشكل مكثف"